
وعلى الرغم من قوة أداء الأنشطة غير النفطية، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي يتوقع له ان يتراجع في عام 2017 مع مواصلة التزام الكويت بتطبيق اتفاقية خفض الإنتاج النفطي المتفق عليها من قبل منظمة أوبك. ومن شأن تلك الخطوة، التي تهدف إلى دعم أسعار النفط، أن تؤدي إلى تخفيض متوسط إنتاج الكويت من النفط بواقع 7ـ8 في المئة في عام 2017. كما انه من المرجح أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %2.4 قبل أن يعاود نموه الإيجابي بمعدل %3.2 في عام 2018.
وقد تزايدت مساهمة الإنفاق الرأسمالي في دفع عجلة النشاط الاقتصادي غير النفطي، مع استقرار وتيرة تنفيذ المشاريع الإنشائية بعد الارتفاع الواضح الذي شهده عام 2014. كما كان معدل اسناد المشروعات جيداً خلال الربع الأول من عام 2017 وبلغ 1.4 مليار دينار وفقاً لميد للمشروعات. ويماثل هذا الرقم المتوسط الفصلي لعام 2016. وهناك مشروعات أخرى بقيمة 6.2 مليارات دينار في مراحل متقدمة، وقد تتم ترسيتها في عام 2017. هذا، وتبقى المشروعات قيد الإسناد قوية على خلفية استمرار الالتزام الحكومي بتنفيذ خطة التنمية.
ونتيجة للدفعة الاستثمارية التي تلقاها مجال البنية التحتية، يتوقع لإجمالي الاستثمارات ان يواصل تحقيق نمو قوي. كما ارتفعت النفقات المتعلقة بإجمالي تكوين رأس المال بنسبة %13 في 2015، وقد يشهد ارتفاع النمو الحقيقي بواقع %9-8 في المتوسط في عامي 2017 و 2018. ومن الممكن ان يؤدي ذلك إلى ارتفاع حصة الاستثمار في الاقتصاد إلى %32، وهو اعلى مستوى يتم تسجيله منذ أكثر من 20 عاماً بعد تسجيل نسبة بلغت %19 في عام 2015.
القطاع الاستهلاكي
لطالما كان القطاع الاستهلاكي مصدراً قوياً وثابتاً للنمو. إلا ان ذلك الوضع بدأ يتغيّّر في عامي 2015 و 2016 في أعقاب استمرار تراجع أسعار النفط، حينما بدأ القطاع الأسري بالنظر إلى الاقتصاد نظرة أكثر تحفظاً. ويواصل القطاع تلقي دعم متواصل من نمو الوظائف والرواتب، لا سيما ضمن القطاع الحكومي وعلى مستوى الأسر الكويتية.
وواصل الإنفاق الاستهلاكي اعتداله خلال الربع الأول من عام 2017، إلا انه حافظ على وتيرة مقبولة. وارتفعت قيمة معاملات نقاط البيع بواقع %7 على اساس سنوي، وفي حين كانت معدلات النمو أبطأ من المعدلات ثنائية الرقم التي تم تسجيلها في السنوات السابقة، إلا ان وتيرة النمو كانت جيدة نسبياً بفضل النمو المطرد للوظائف والرواتب. كذلك تراجع حجم مديونية الأسر خلال العام الماضي، حيث تراجع نمو القروض الاستهلاكية، بواقع %6.7 على أساس سنوي في مارس 2017.
وقد نتج الضعف الذي أصاب القطاع في معظمه من جراء تراجع ثقة المستهلك.
ولا يزال التوظيف بين المواطنين الكويتيين قوياً نسبيا. وفي حين تباطأ التوظيف في القطاع الخاص، إلا ان ذلك يعزى إلى توجه السلطات للتحكم بظاهرة «العمالة الوهمية»، بما أدى إلى انخفاض اعداد العمالة منذ منتصف عام 2015. إلا انه رغما عن ذلك، واصلت معدلات توظيف المواطنين في القطاع الحكومي تسجيل معدلات نمو مرتفعة بلغت حولي %3.5 في عام 2016. في الوقت ذاته، حافظ معدل توظيف الوافدين على نموه القوي بمعدل %5.6.
نمو الائتمان
واصل الائتمان تسجيل نمو جيد نسبياً، بدعم من نمو جيد في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ونمو الإنفاق الرأسمالي، وإن كان قد انحرف النمو خلال الربع الأخير من عام 2016 بسبب قيام إحدى الشركات بسداد مبلغ كبير. وبلغ نمو الائتمان في مارس %3.6 على أساس سنوي. وشمل النمو عدداً من القطاعات في صدارة «النفط والغاز». كما سجلت القطاعات «الإنتاجية» نمواً متسارعاً بلغت نسبته %9.6، بما يعكس ازدهار المشاريع قيد الإعداد.
أسعار العقار
واصل نشاط سوق العقار تراجعه على أساس سنوي للعام الثالث على التوالي، إلا أن هناك بعض العلامات المبكرة تشير إلى الاستقرار. وقد تراجعت المبيعات خلال 12 شهراً حتى شهر أبريل 2017 بنسبة %22 على أساس سنوي، فيما يعزى معظم هذا التراجع، الذي حدث مؤخراً، إلى القطاعين الاستثماري والتجاري. من جهة أخرى، تحسنت أنشطة القطاع السكني، وارتفع عدد الصفقات ضمن القطاع خلال ثلاثة أشهر حتى أبريل 2017 بواقع %22 على أساس سنوي.
بالإضافة إلى ذلك، أبدت الأسعار علامات استقرار، كما انعكس على أداء مؤشرات بنك الكويت الوطني لأسعار العقار، حيث عاصرت الأسعار تصحيحاً مستحقاً على مدى العامين الماضيين بحوالي %18 ــ %20، انخفاضاً من أعلى مستوياتها لقطاعي العقار السكني والاستثماري. لكن على الرغم من ذلك، فإنه منذ منتصف عام 2016، أشارت مؤشرات بنك الوطني إلى تماسك أسعار العقار.
ارتفاع التضخم
تراجع التضخم بعد تلاشي أثر زيادة أسعار الوقود في سبتمبر 2016، وبدأ تضخم إيجارات المساكن في الاستقرار، حيث تراجع التضخم إلى %2.6 على أساس سنوي في مارس، مقارنة بأعلى مستوياته البالغة %3.8 في سبتمبر 2016. ويعد تراجع معدل تضخم الإيجارات تطوراً محموداً، وجاء بعد أربع سنوات من النمو المتسارع لهذا القطاع. ومما لا شك فيه أن ضعف سوق العقار قد بدأ يفرض نفسه، وتراجع معدل تضخم الإيجارات من أعلى مستوياته مؤخراً بنسبة %7.3 على أساس سنوي في منتصف عام 2016 إلى %4.3 في مارس الماضي.
العجز المالي
على الرغم من تحسن أسعار النفط خلال العام الماضي، فإن من المتوقع أن تواصل وزارة المالية تسجيل عجز مالي على المدى المتوسط. ومع توقع استمرار تراوح أسعار النفط في حدود 55 ــ 60 دولاراً للبرميل خلال عامي 2017 و2018، يتوقع إثر ذلك أن يبلغ العجز %19 من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016 ـــ 2017، بعد استقطاع المخصصات الإلزامية لمصلحة صندوق الأجيال القادمة. إلا أن من المرجح أن يتراجع العجز إلى حوالي %14 من الناتج المحلي في السنة التالية مع تحسن أسعار النفط وتطبيق المزيد من الإصلاحات المالية.
ومنذ أن بدأت أسعار النفط في التراجع في عام 2014، قامت الحكومة باتخاذ عدد من الخطوات نحو تعديل أوضاع المالية العامة. وقد صادق مجلس الوزراء العام الماضي على حزمة من الإصلاحات المالية تتضمن خفض دعوم الطاقة والمياه وتقديم ضريبة أرباح الشركات وضريبة القيمة المضافة. ووافق مجلس الأمة على رفع أسعار استهلاك الكهرباء والمياه في بداية عام 2017. إلا انه لن يتم على الأرجح تطبيق أي ضرائب جديدة، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، قبل عام 2019. ونتوقع أن تؤدي تلك الإصلاحات إلى تقليص العجز بحوالي 5 ــــ %6 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020، باستثناء تأثير ارتفاع أسعار النفط.
وقد قامت الحكومة بتخفيض الانفاق الحكومي بحوالي %15 في السنة المالية 2016/2015، إلا أنه من المرجح أن يكون قد عاود الارتفاع في 2016/2017. حيث إن الانفاق خلال الثمانية أشهر الأولى من 2017/2016 قد فاق التوقعات بمعدل تناسبي يصل إلى %98 من الموازنة بما يشير إلى تسجيل نمو بنسبة %1.5. أما فيما يتعلق بمشروع موازنة السنة المالية 2017/2018 والذي ما زال في انتظار اعتماده من مجلس الأمة، فيتوقع نمو النفقات بمعدل %5.3، إلا أننا نتوقع أن يكون الارتفاع بمعدل أقل يصل إلى حوالي %4.
وفي مارس 2017، وافقت الحكومة على رفع تعرفة الكهرباء والمياه والتي كانت معدلاتها أدنى بكثير من الأسعار التي تم اعتمادها في تشريعات مايو 2016. وسيؤدي خفض الدعوم، المزمع تطبيقه هذا العام، إلى رفع أسعار الكهرباء من فلسين إلى ما بين 3 ــــ 5 فلوس لكل كيلو واط في الساعة للقطاعات المختلفة. في حين سيتم رفع تعرفة المياه من 800 فلس إلى دينارين لكل ألف جالون إمبريالي. ونتوقع ارتفاع الإيرادات من جراء أسعار المرافق الجديدة بحوالي 0.2 مليار دينار كويتي أو ما يعادل 0.6 % من الناتج المحلي الإجمالي.
صندوق الثروة السيادي
لا تزال الكويت تتمتع بوضع مالي جيد بفضل تدني سعر التعادل النفطي في الموازنة وضخامة الأصول الخارجية. حيث يقدر بلوغ أصول صندوق الثروة السيادي بنهاية السنة المالية 2017/2016 إلى 560 مليار دولار أو %450 من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حين يتركز الجزء الأكبر من الأصول في صندوق الأجيال القادمة، إلا أن صندوق الاحتياطي العام الذي يتميز بسيولة أصوله والمتاح لتمويل العجز، تقدر قيمة أصوله بحدود 30 مليار دينار.
سندات دين
على الرغم من ضخامة صندوق الثروة السيادية، فإن أدوات الدين كانت في الصدارة لتمويل العجز في 2017/2016. ونقدر العجز بحوالي 6.3 مليارات دينار في السنة المالية 2017/2016 بعد استقطاع المخصصات الإلزامية لمصلحة صندوق الأجيال القادمة. كما قد تحتاج الحكومة إلى نحو 5 مليارات دينار في كل من السنة المالية 2018/2017 والسنة المالية 2019/2018 لسد العجز.
قامت الحكومة بإصدار سندات محلية بقيمة 2.2 مليار دينار خلال السنة المالية 2017/2016 بالإضافة إلى سندات عالمية بقيمة 2.4 مليار دينار (8 مليارات دولار)، ليرتفع بذلك مستوى الدين إلى 6.3 مليارات دينار، او ما يعادل %18 من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية مارس 2017. وتشير بعض المصادر إلى ان وزارة المالية قد تطرح سندات محلية بحوالي مليار دينار في السنة المالية 2017/2018 لتمويل العجز، وذلك من شأنه زيادة الدين العام بحوالي %20 من الناتج المحلي الإجمالي بحلول مارس 2018.
وقد أصدرت الكويت أول سنداتها الدولية وتمكنت من جمع 8 مليارات دولار بسعر أكثر جاذبية من السندات السيادية التي أصدرتها دول خليجية أخرى. وتم تقسيم السندات على شريحتين؛ الشريحة الأولى بقيمة 3.5 مليارات دولار لأجل خمس سنوات وحددت سعر الإصدار عند 75 نقطة أساس فوق سعر سندات الخزانة الأمريكية، والشريحة الثانية بقيمة 4.5 مليار دولار لأجل عشر سنوات، وبسعر إصدار 100 نقطة أساس فوق سعر سندات الخزانة الأميركية. ويعتبر هذا الهامش أقل من سندات أبوظبي والتي مثلت «المعيار الذهبي» للسندات السيادية الخليجية. أما على صعيد السوق الثانوية، فقد تراجعت عائدات السندات إلى حد ما منذ ذلك الحين. هذا ويعكس التسعير الجذاب لسندات الكويت صلابة تصنيفها الائتماني، كما يعكس شدة الاقبال الدولي على إصدارات السندات الخليجية.
وضع السيولة
ما زالت الكويت تستمتع بمستويات جيدة من السيولة المحلية، على الرغم من تراجع سعر النفط. وقد ساعدت الإصلاحات المالية المحدودة والجهود الحكومية لاسترداد أموال الدولة في تجنّب ضغط السيولة الذي حصل في بعض دول الجوار. وقد استقر نمو عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2) عند مستوى %2.7 على أساس سنوي خلال مارس 2017، متراجعا عن وتيرة اسرع قبل عام 2014. وبلغت نسبة عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2) إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي حوالي %142 في مارس، بتراجع هامشي مقارنة بمتوسط خمس سنوات.
وبعد أن تراجعت أسعار الفائدة المحلية بين البنوك خلال معظم عام 2016 فإنها عاودت الارتفاع مجدداً بنهاية العام. ويعزى هذا الأمر بصفة أساسية لقيام بنك الكويت المركزي برفع معدلات الفائدة مرتين، إحداهما في ديسمبر 2016 والأخرى في مارس 2017، بواقع 25 نقطة أساس لكل منهما؛ ليصل معدل الفائدة إلى %2.75. وقد جاء هذان الارتفاعان على خطى الاحتياطي الفدرالي الذي قام بخطوات مماثلة. رغم ذلك، لم يشهد معدل الفائدة بين البنوك ارتفعاً كبيراً، حيث ارتفعت الفائدة لأجل ثلاثة أشهر بمعدل 25 نقطة أساس فقط، مقارنة بأدنى مستوياتها البالغة %1.625 في ديسمبر، قبيل رفع أسعار الفائدة أول مرة.
عجز الحساب المالي
سجل الحساب الجاري في عام 2016 أول عجز له منذ عقدين، وذلك على خلفية انخفاض حصيلة إيرادات الصادرات المرتبطة بتراجع أسعار النفط. وقد سجل ميزان الحساب الجاري عجزاً بلغت نسبته %4.5 من الناتج المحلي الإجمالي مقابل تسجيل فائض بنسبة %3.5 في عام 2015. وتم سحب بعض الأصول السائلة للحكومة في الخارج لتمويل العجز، الأمر الذي أدى إلى تسجيل أول تدفق للأصول إلى الداخل منذ بداية التسعينات. ونتوقع ان يعاود ميزان الحساب الجاري تسجيل فائض بنحو 1-2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.
ضعف الدينار
بعد ان شهد الدينار عاماً آخر من القوة في 2016، بدأ في التراجع خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017 نتيجة تراجع الدولار. حيث تراجع مؤشر الدينار، الذي يمثّل السعر المرجح للعملة، بحوالي %3 منذ بداية العام، وحتى تاريخه خلال شهر مايو، عاكساً معظم المكاسب التي حققها في عام 2016. وقد سجل مؤشر الدينار ثلاثة أعوام متتالية من القوة، مرتفعاً بنسبة %3 تقريباً في 2014 ــــ 2016. علماً بأن الدينار، المربوط بسلة من العملات الرئيسية يمثّل بها الدولار الوزن الأكبر، ارتفع مقابل الدولار بنسبة %0.7 منذ بداية العام الحالي.
ارتفاع الأسهم
يبدو أن الزخم الذي شهدته الأسهم بنهاية عام 2016 وبداية 2017 بعد ان تراخى أداؤها مقارنة بالأسواق الإقليمية لعدة سنوات قد توقف. فخلال خمسة أشهر منذ بداية يناير 2017، ارتفع المؤشر الوزني بنسبة %22. كما انتعشت أنشطة التداول بشكل ملحوظ، حيث ارتفع متوسط قيمة الأسهم المتداولة في يناير، وبلغ 54 مليون دينار، أي تسعة أضعاف ما تم تداوله في سبتمبر 2016. منذ ذلك الحين، تراجع المؤشر الوزني بحوالي %5.5. كما انه في حين ان وتيرة أنشطة التداول قد هدأت بالمقارنة بذلك، إلا انها لا تزال مرتفعة. ولا يزال مؤشر مورجان ستانلي للعائد الكلي مرتفعاً بنسبة %8.8 منذ بداية العام حتى تاريخه.