بحث متقدم
تم ايجاد 0 نتيجة. هل تود عرض النتائج الان؟
بحث متقدم
تم ايجاد 0 نتيجة
نتائج بحثك

«الرهن العقاري».. نقلة نوعية لحل الأزمة الإسكانية

نشر بواسطة admin في 29 ديسمبر، 2020
| 0

هل يمكن الاستمرار في سياسة الرعاية الإسكانية الراهنة؟ سؤال مهم في هذه المرحلة التاريخية وبعد أن اتضحت معالم الاقتصاد الوطني على مدى الزمن القادم، لا سيما أن هناك مؤشرات تؤكد أن قدرة الدولة على تلبية طلبات الإسكان آخذة في التراجع، حيـث تتراكم الطلبات، تجاوزت المئة ألف طلب في الوقت الراهن، وظلت الإمكانات المالية والتنفيذية عاجزة، هناك تصريحات من إدارة بنك الائتمان بمحدودية القدرات المالية، أكد مسؤولون في بنك الائتمان أن البنك لن يستطيع الاستمرار في منح القروض العقارية والاجتماعية والرعاية السكنية وقروض المحفظة المالية بسبب غياب الحلول لمعالجة الأوضاع الحالية. كذلك أشاروا إلى أن البنك قدم مقترحات جديدة لوزارة الإسكان من أجل معالجة الأزمة المزمنة التي تتعلق بتراكم الطلبات الإسكانية وتخفيف العبء، وتشمل المقترحات إصدار تشريع جديد ومصادر جديدة للحصول على المسكن. إن من المؤكد أن أهم تشريع هو ما يتعلق بقانون الرهن العقاري الذي يُمكّن المواطنين من الحصول على قروض لاقتناء السكن من النظام المصرفي بموجب آليات وأدوات مقبولة تمكن الدولة من المساهمة في تحمل جزء من الأعباء، ويقوم المواطن برهن السكن لمصلحة البنك الدائن، ويتم التسديد على مدى سنوات طويلة ربما تصل إلى 30 سنة، كما هو متبع في بلدان العالم الأخرى. لذا، فإن إقرار قانون الرهن العقاري يمثل نقلة نوعية في العمل المصرفي وآليات اقتناء السكن. التوسع الأفقي فاقم كلفة البنية التحتية  تؤكد الإحصاءات الحكومية أن ما يقارب 174 ألف مواطن في الكويت حصلوا على قروض سكنية من الدولة قاربت قيمتها 12 مليار دينار، ومنذ عام 1952 وحتى عام 2019 تم منح 154 ألف وحدة سكنية بقروض وشروط ميسرة، وتنوعت هذه الوحدات بين بيوت ذوي الدخل المحدود والدخل المتوسط والقروض المباشرة التي تمكن المواطن من اقتناء الأرض وتولي البناء عليها. أزمة السكن لا تقتصر على التمويل على الرغم من أهميتها، ولكن هناك تتوافر الأراضي والتي تعتبر نادرة في الكويت وتحتكر الدولة الأراضي ويظل القطاع الخاص مالكاً لنسبة محددة من الأراضي ما رفع من أسعارها على مدى السنوات والعقود الماضية منذ الصدمة النفطية الأولى عام 1974، كما أن التوسع الأفقي في السكن الخاص زاد من كلفة البنية التحتية والمرافق، وهناك عجز في توفير الإمدادات الكهربائية للعديد من مناطق السكن الجديدة أو المستحدثة. عطلت القوانين، التي صدرت في عام 2008 من مجلس الأمة، دور شركات القطاع الخاص عن القيام بتطوير المساكن وبيعها للمواطنين بما يعزز القدرة على توفير عرض ملائم يقابل الطلبات المتزايدة. كما هو معلوم ان السكن في البلدان المتقدمة يظل من مسؤوليات القطاع الخاص، حيث تقوم الشركات بتطوير المساكن وبيعها للراغبين الذين يمكن لهم الحصول على قروض من البنوك التقليدية أو المؤسسات المالية المتخصصة في الإقراض العقاري، ومنها مؤسسات الادخار والتمويل Saving & Loan Association في الولايات المتحدة وبنوك أخرى في بلدان مثل بريطانيا وعدد من البلدان الأوربية والآسيوية. السياسة الحالية ستصل إلى طريق مسدود! كيف يمكن معالجة هذه الأزمة الإسكانية والمتوقع تفاقمها خلال السنوات القادمة من دون ابتداع سياسات جديدة بعد أن أصبح واضحاً أن السياسة الحالية ستصل إلى طريق مسدود؟ سبق للسلطات المختصة أن تقدمت بمشروع قانون الرهن العقاري الذي يتيح توفير قرض بقيمة مضاعفة لقيمة القرض الذي يمنحه بنك الائتمان والبالغ 70 ألف دينار، أي ان القرض الذي يمكن الحصول عليه لاقتناء السكن سيصل إلى 140 ألف دينار. ويؤكد المشروع أن الدولة ستقوم بأداء الفوائد المصرفية على 70 ألف دينار للبنك الدائن، ويتولى المستفيد من القرض أداء الفوائد على الـ 70 ألف دينار الأخرى، وتأدية أقساط القرض على مدى زمني يصل إلى 30 عاماً، لا شك أن هذا القانون المقترح الذي يحتمل إقراره خلال الشهور أو السنوات المقبلة، سيكون بديلاً ملائماً ويتيح تمويلات جاهزة بدلاً من التعثر نظراً لمحدودية الموارد المالية المتاحة لبنك الائتمان. وليس من المتوقع أن تتوافر تمويلات لبنك الائتمان في ظل الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها البلاد. كما أن الأموال المتوافرة لدى النظام المصرفي سيتاح لها التوظيف في قنوات تمويل مناسبة متدنية المخاطر، وكذلك ستتطور أدوات التمويل وتتعزز فرص التمويل الطويل الأجل. لا بد من الاستفادة من قدرات القطاع الخاص  مسألة تعثر المواطن في أداء التزاماته واردة في كل مكان وزمان، ولكن نظام الرهن العقاري سوف يفرض على الراغبين في اقتناء السكن التفكير ملياً في الجدارة الائتمانية ونوعية السكن الملائم وكيفية أداء الالتزامات المستحقة على مدى زمني طويل، لكن يمكن النظر في طريقة التسويات في حالات التعثر بما لا يحمل الدولة أعباء جديدة وكذلك توفر للمواطنين آليات للتعامل مع المصاعب المحتملة. ما يجب التأكيد عليه أن البلاد، التي تواجه عجزاً في موازنتها السنوية قد يصل إلى نسبة 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في هذه السنة المالية 2020/‏2021، كما يشير عدد من التقارير المتخصصة إلى أنه لا يمكن للحكومة أن تستمر في تطبيق آليات السياسة الإسكانية الحالية عندما تواجه مصاعب لمواجهة التزامات الرواتب والأجور أو الدعومات الأساسية، وبالتالي لا بد من السعي للاستفادة من قدرات القطاع الخاص وتوظيفها لتلبية احتياجات البلاد وتعزيز قدرات المواطنين على الحصول على تمويلات مناسبة لاقتناء السكن. وعندما تؤكد بيانات النظام المصرفي أن حجم الأموال المتوافرة على شكل إيداعات مناسب وأن قنوات التمويل المتاحة محدودة في البلاد. ليس عيباً تحمُّل الدولة نصف فوائد القرض الإسكاني أشار الكاتب محمد رمضان في مقال القبس يوم الأحد 20 ديسمبر الجاري إلى أن هناك عيوباً فنية في مشروع قانون الرهن العقاري ولم أجد ما يبين هذه العيوب الفنية في ثنايا المقال المشار إليه، فمثلاً يشير إلى أن مشروع القانون يبين أن البنوك تقوم بتقديم القرض العقاري بدلاً من بنك الائتمان وتتحمل الدولة فوائد التمويل لمبلغ 70 ألف دينار فقط. لا أرى عيباً فنياً في ذلك، إذ إن تحمل الدولة للفوائد يعتبر دعماً لاقتناء السكن من قبل المواطنين، وفي الوقت ذاته يخفف من التزاماتها المالية، أما أن يكون القرض بحدود 140 ألف دينار فذلك يمكن من ترشيد السلوكيات الإسكانية ويحد من المساحات المبنية غير الضرورية. وما أشار إليه من أن فترة السداد ستكون 30 سنة وأن أقل قسط للقرض سيكون 195 ديناراً شهرياً بدلاً من 100 دينار كما هو الحال في الوقت الراهن. هناك الآن مواطنون استدانوا من البنوك ويسددون أقساطاً ربما تفوق المئتي دينار شهرياً، حيث إن قرض الـ 70 ألف دينار لا يمكّن من اقتناء أو بناء سكن في الكويت بموجب المواصفات والمساحات المطلوبة. بطبيعة الحال سوف تتغير أوضاع بنك الائتمان وربما يصبح بنكاً متخصصاً في التمويل العقاري بما تتيحه له إمكاناته المالية أو يندمج مع مصرف آخر بما يعزز القدرات التمويلية لاقتناء العقار في البلاد.